عرض مشاركة واحدة
قديم 29-10-2012, 02:03 AM   #7
محسن الطنطاوى القصبى
عضو مميز
إحصائية العضو







محسن الطنطاوى القصبى غير متواجد حالياً

 

افتراضي التطور التاريخى للتأمينات الإجتماعية

فى الدول الصناعية قبل إدراك الحاجة إلى العمل المجتمعي بوقت طويل، كان القضاء على الفقر يمثل التزاما خاصا وكانت المؤسسات الدينية توفر الملجأ والملاذ، وأوجه الانفاق المختلفة. ومنذ العصور الوسطى في أوروبا، كانت البيوتات التجارية تعمل على دعم أعضائها وعائلتهم في الاوقات العصيبة. ومن تلك الارهاصات، عمد بعض الدول إلى وضع نظم قوانين خاصة للفقراء لرعاية المعدمين، وكانت تلك القوانين تقر بالمسؤولية العامة، ووضعت من خللها أسس ومبادئ استخدام الاموال العامة للتخفيف عن الفقراء.
حدثت نقطة تحول في الثمانينات من القرن التاسع عشر حين استحدثت ألمانيا أول نظام للتأمينات الجتماعية تديره الدولة، وهو نظام التأمين ضد المرض في عام 1883 ، وتأمين العاملين ضد الإصابات في عام 1884 ، والتأمين ضد العجز المرضي والشيخوخة في عام1889 لجميع من يحصلون على أجور فى القطاع الصناعى وكانت التغطية إلزامية وتنسب هذه المبادرة إلى المستشار بسمارك، وكان الغرض السياسي منها منح امتياز لعمال المصانع للقضاء على الاضطرابات الاجتماعية التي كان من شأنها الاضرار باستقرار النظام السياسي السائد.

وكانت التأمينات الاجتماعية تمثل تحسنا واسع النطاق لمواجهة الطرق السابقة و لمواجهة مخاطر معاناة عمال المصانع من الطوارئ
الاجتماعية غير المتوقعة. وتميز النموذج الالماني بأربعة ملامح
رئيسية، تحولت فيما بعد إلى مبادئ أساسية للتأمينات الاجتماعية:
• الاشتراك الالزامي لعمال المصانع ذوي الدخل المنخفض والمتوسط.
• المشاركة في مواجهة المخاطر (التكافل) والتمويل من جانب •
• الدولة والاشتراكات الالزامية من أصحاب العمل والعمال.
• المزايا المدفوعة كحقوق للمطالبين بها المستوفين لشروط التأهل (مثل السن، ومدة التغطية، ومبلغ الشتراكات).
• قيام الدولة بإلقاء مسؤولية إدارة نظام التأمينات على عاتق ممثلي الجهات المشتركة.

وبحلول القرن العشرين، تم تطبيق أشكال أخرى من الحماية الاجتماعية الالزامية:
• نظم مسؤولية أصحاب الاعمال – وكانت هذه النظم تطبق بشكل أساسي على إصابات العمل، بحيث يتحمل أصحاب الاعمال المسؤولية بصورة مباشرة والمسئولية عن دفع التعويضات وتقديم الرعاية الطبية (سواء بموجب وثيقة تأمين معتمدة) لعمالهم الذين يتعرضون لحوادث أو أمراض ترتبط بالعمل.
• المزايا الاجتماعية في ظل التشريع العمالي – وتلزم هذه التشريعات أصحاب العمال بسداد مكافأة نهاية الخدمة لعمالهم عند فصلهم، بالاضافة إلى الرعاية الطبية لعمالهم، ولعائلتهم في بعض الاحيان.

من أواخر الثلاثينات من القرن الماضي، حدث تطور رئيسي في السياسة الاجتماعية، وتمثل هذا التطور في نشوء فكرة "التأمينات الاجتماعية" أو "الضمان الاجتماعي" وتطبيقها على نحو تدريجي من خلال الاصلاحات وتوسيع نطاق تشريعات التأمينات الاجتماعية.
حيث أصبحت التأمينات الاجتماعية تمثل هدفا ينظر إلى مسألة "التحرر من الحاجة" كواحد من حقوق الانسان.
وكان الاسلوب الجديد يعني أن الحماية الاجتماعية ينبغي أن تتسم بما يلي:
الشمولية – بمعنى تغطية كافة المخاطر الاجتماعية وجميع إحتياجات السكان المقيمين.
التوحيد – بمعنى تضمين وتنسيق كافة النظم والبرامج الوطنية.
الكفاية – بحيث يكون مستوى المزايا كافيا للحفاظ على المستويات المقبولة للمعيشة ولتجنب الفقر والتهميش الإجتماعى.

وخلال سنوات الانتعاش والنمو الاقتصادي التي تلت الحرب العالمية الثانية، تم وضع الاساس السياسى حول تطوير الحماية الاجتماعية وتوسيع نطاقها. ففي عام 1952 ، تبنى مؤتمر العمال الدولي المعاهدة رقم 102 ، وهي معاهدة التأمينات الاجتماعية (الحد الادنى من المعايير) التي توفر الارشادات والمقاييس اللازمة لواضعي سياسات التأمينات الاجتماعية.
وفي السبعينات من القرن العشرين، أدت الاوضاع الاقتصادية في الدول الصناعية (مثل "الصدمات النفطية") إلى حقبة من تجميع المكتسبات في الحماية الاجتماعية، والتي تم تحقيقها خلال السنوات الخمس والعشرين السابقة. ولم تكن المعدلات المتدنية للنمو
الاقتصادي تسمح بالتوسع غير المحدود في الحماية الاجتماعية.
. وفي الفترة التي تلت عام 1990 ، كان يتحتم على الدول ذات الاقتصاديات الانتقالية، التي اتبعت النظام السوفييتي المتمثل في التأمينات الاجتماعية الممولة من موازنة الدولة، أن تجري إصلاحات على نظم الحماية الاجتماعية لديها.
وفي الاتحاد الاوروبي، ومنذ عام 1971 ، كانت اللائحة رقم 71/1408 تتطلب من الدول الاعضاء في الاتحاد التأكد من أن تشريعاتها الوطنية الخاصة بالتأمينات الجتماعية لا تقيد حرية حركة الاشخاص داخل الاتحاد الاوروبي. ويجب أن تكون هناك مساواة في معاملة مواطني جميع الدول الاعضاء، ويجب أن ترتكز المزايا على جميع فترات التأمين، والاقامة والعمل (أي التوحيد) في أي من الدول الاعضاء في الاتحاد الاوروبي. وهكذا، فإن مزايا التأمينات الاجتماعية للعاملين وأصحاب الاعمال الخاصة وعائلتهم في الاتحاد الاوروبي أصبحت مضمونة بصرف النظر عن مكان عملهم أو إقامتهم .
المصدر : المعاشات التقاعدية - منظمة العمل الدولية.







    رد مع اقتباس