الحصانة النقابية لحماية حقوق العمال
د. كمال عثمان
هناك العديد من التغيرات التى طالت كل المجالات فى العالم اليوم بخلاف عالم الامس و منها بالطبع التغيرات فى عالم العمل و أقول لكم و بكل صدق ’ أنه لا يوجد معيار ادق من العمل النقابي للتعرف على معدن الزملاء النقابيين الذى تقدر قيمتهم بما يؤدوه من خدمات وأعمال لمنظماتهم النقابية كركيزة اساسية لبناء هذه المنظمات ... فجميع الحضارات الانسانية قامت بسواعد العمال الذين أسهموا بجهودهم و افكارهم فى بناء و اعلاء اوطانهم , حيث تؤدي المنظمات النقابية العمالية دوراً هاماً في المجتمعات الحديثة سواء على المستوى المهني من خلال تمثيل العمال والدفاع عن مصالحهم أو على المستوى القومي من خلال مساهمتها في قضايا التنمية الاقتصادية والاجتماعية ويزيد من وزن المنظمات العمالية وأهميتها في الجماعة المعاصرة أنها تمثل أوسع قطاعات المجتمع وهم العمال حيث تتمثل مهام المنظمات النقابية العمالية على الأخص فيما يلي :
1- الدفاع عن حقوق العمال ورعاية مصالحهم .
2- العمل على تحسين شروط وظروف العمل.
3- العمل على رفع مستوى العمل الثقافي والاجتماعي
4- المشاركة في وضع خطط وبرامج التدريب المهني :
5- إبرام اتفاقيات العمل الجماعية على مستوى المهنة أو الصناعة الخاصة باللجان النقابية
6- إبداء الرأي في التشريعات التي تتعلق بالمهنة أو الصناعة
7- الموافقة على مشروعات صناديق الادخار والزمالة والجمعيات التعاونية الاستهلاكية والإنتاجية والنوادي الرياضية والمصايف التي تعدها اللجان النقابية واعتماد لوائحها الأساسية.
و فى سبيل تحقيق هذه المهام يحتاج العامل النقابي الى حماية خاصة
وقد أعطت منظمة العمل الدولية اهتماماً للحق النقابي وصدر عنهـا الكثير من الاتفاقيات التي تضمن وتصون الحرية النقابية للمنظمات العمالية بأبعادها المختلفة وهكذا يتبين لنا أن المجتمع الدولى قد وضع معايير دولية للحرية فى تكوين المنظمات بغرض حماية عدد من القيم الأساسية أهمها الحرية والمساواة للعمال فى تكوين منظماتهم وفى إدارة شئونها فى تصرفا إرادياً حراً لتكونها بطريقة حرة ومستقلة بعيداً عن أي وصاية أو تبعية تجاه الجماعات الأخرى أو إزاء سلطات الدولة للقيام بمهامها المتعددة وتستخدم في سبيل تحقيق أهدافها أساليب للعمل بعضها ذا طابع تنازعي في مواجهة أصحاب الأعمال والبعض الأخر ذا طابع تعاوني يؤدي إلى مشاركتها في رسم السياسة الوطنية على الصعيد المهني الاجتماعي والاقتصادي
وحتى تستطيع النقابة مباشرة وظيفتها في الدفاع عن مصالح العمال بحرية وفاعلية فقد أضحى لها الشخصية القانونية الكاملة مما أتاح لها التمتع بعدة حقوق شخصية ومالية , الى جانب تمتع النقابة بالشخصية المعنوية اللازمة لممارسة أوجه النشاط المختلفة، فيثبت لها أهلية التعاقد وأهلية التملك وأهلية التقاضي،’ كما ان النقابة نشأت كمنظمة مستقلة نتيجة التطورات التي تلت الانفصال بين العمل ورأس المال إزاء النظام الرأسمالي
وخلاصة القول أن النقابة العمالية أصبح لها ذاتية مستقلة عن غيرها من التنظيمات، وان أهمية النقابة ذات مدلول اقتصادي واجتماعي على المستوى الوطني والدولي
لقد ترتب على ما سبق وجود رفض و اجراءات مناهضة من اصحاب الاعمال و الدول ذاتها منها على سبيل المثال لا الحصر :-
- رفض ترقية العامل النقابي أو تخفيض درجته المهنية أو تغيير وظيفته أو تعيينه في وظيفة غير ملائمة وخص بعض العمال غير النقابيين بمزايا معينة دون بقية العمال
- إهانة ومضايقة العامل النقابي وسحب مسئولياته أو اختصاصاته لا لشيء إلا لانتمائه النقابي.
كما أن صاحب العمل لديه العديد من الأساليب المناهضة للنقابيين يجمعها جميعا صفة واحدة وهي الضغط على العامل النقابي بسبب انتمائه للمنظمة النقابية أو ممارسته للأنشطة النقابية
لقد عانت المنظمات النقابية العمالية خلال السنوات الماضية تحديات جسيمة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :-
- التضيق على عمل المنظمات النقابية العمالية حتى القيام بالقبض على رؤسائها و حل تلك المنظمات
- التدخل السافر فى انتخابات المنظمات النقابية لانجاح شخوص بعينها عن طريق الاستبعاد و التزوير
- التدخل الحكومى فى التشريعات التى تحدد طبيعة الهيكل التنظيمى للمنظمات النقابية وعلى الاخص فى وضعية الحد الادنى للاجور بالمخالفة للمعايير الدولية فى هذا الشأن
- عدم المساواة بين العمال في الانتماء إلى عضوية المنظمة النقابية للعمال وتمتعهم بكافة الحقوق الى جانب عقوبة فصل أو وقف أو الإضرار بالعضو النقابي بسبب انتمائه أو ممارسته لنشاطه النقابي وكذلك حظر وتعليق استخدام العامل أو استمراره في عمله على شـرط انضمامه أو عدم انضمامه إلى النقابة أو على شرط انسحابه منها
- أعتبار أعمال التمييز الموجهة ضد العمال النقابيين مشروعة تحت ستار حق صاحب العمل في التعاقد مع من يشاء واستخدام من يريد من العمال لدرجة أنه في بعض الاحيان كان القانون يحمي عقد الاستخدام الذي يتعهد فيه العامل بألا يصبح عضوا في منظمة نقابية أو أن يظل عضوا بها وإلا عوقب بعد تشغيله أو فقدانه عمله.
ومن هنا كان لا بد من حماية العامل من هذه الإجراءات أو الأشكال المختلفة للاعتداءات، وهنا ظهر الدور القوى لمنظمة العمل الدولية فى حماية حقوق العمال عالجته الاتفاقية الدولية رقم 98 لسنة 1949 الخاصة بتطبيق مبادئ حق التنظيم و الأتفاقية 135 لسنة 1971 الخاصة بحماية ممثلي العمال وغيرها من الاتفاقيات الدولية، وكذلك نصوص التشريعات الداخلية التي حمت هذا الحق،
أننا نجد انفسنا اليوم أقوى عزمآ و أشد تصميمآ على المضي معآ نحو المستقبل بخطوات واثقة مستقرة فى ظل منظمات نقابية راسخة تقترح تحولآ فى كيفية النظر الى نموذج التنمية و وجوب ان تكون رفاهية البشر فى قلب السياسات الاقتصادية و الاجتماعية مع الاهتمام بشكل خاص لمن تخلفوا عن ركب التقدم بمن فيهم الاشخاص ذوى الاعاقة و كبار السن و النساء و الشباب الذين يعانون من اوضاع هشة .... مع الاهتمام بالعمل اللائق و الكريم و العولمة العادلة و العدالة الاجتماعية للجميع فى كل مكان لأن العمل ليس سلعة و ان رفاهية الناس و السلام يعتمدان على الاحترام لأنه بدون احترام ...لا توجد كرامة فى العمل ’ و بدون كرامة .... لا توجد عدالة اجتماعية
و فى الختام .... أذكركم بأن العمل هو الفضيلة التى تفصل بين الحلم و الواقع و كيف يتأنى لنا هذا فى ظل ما نشهده من تغيرات متسارعة فى أساليب العمل و الانتاج بل و فى اساليب الحياة ذاتها و تغير طريقة معيشة و ثقافة الدول أن نؤدى عملنا النقابي بطريقة واقعية و منتجة فى ظل المتغيرات العالمية الحالية و ماسبق سرده من مصاعب و تحديات؟؟
حيث اجد أن هذا لن يكون متاحآ لنا سوى من خلال قيام الدولة و منظمة العمل الدولية بأتخاذ تدابير حمائية جديدة و اعتماد معايير جديدة فى صورة اتفاقية عمل دولية لحماية ممثلي العمال و النقابيين من العنف و المضايقات لفتح الباب لمستقبل اكثر اشراقآ للمجتمع العمالى خاصة بعد المتغيرات العنيفة و الهزة القوية التى اصابتنا العالم نتيجة جائحة كورونا
و نحن على ثقة تامة بأننا بالأرادة و العزيمة قادرون بعون الله تعالى على تحقيق اهدافنا و رؤيتنا المضيئة التى نحلم بها لوطننا الغالى
فتحية نقابية عمالية لكل الى كل من يدافع عن حقوق المضطهدين وفى القلب منها الحقوق والحريات النقابية والعمالية، و إلى شهداء الحركة النقابية فى قارتى اسيا و افريقيا وإلى المؤرخين العماليين و إلى شيوخ الحركة العمالية و إلى رموز القضاء الواقف الذين تبنوا القضايا العمالية ضاربين مثلا يحتذى وإلى كل المناضلين من أجل الطبقة العاملة، والنقابات العمالية و تحية الى ذكرى الجنود المجهولين والتضحيات المنسية، والممارسات العديدة من الكفاح التى قام بها النقابيون وما فشلوا فيه، وما وصلوا إليه.. وكيف انتزعوا ما قدروا عليه من حقوق من بين أنياب الرأسمالية ومخالبها.. وتحالف أصحاب الأعمال - مع قوى الأمن - بجيوشها وجنودها، وهراوتها وسجونها التى كانت تتلقى النقابيين جيلاً بعد جيل.
حتى تظفر الحركة النقابية من القيود، والأسر، والأغلال التى وضعها اصحاب الاعمال و بعض الانظمة و"حيد" بها الطبقة العاملة وحال دون أن تمارس دورها القومى فى المشاركة فى هموم أوطانها و سبيلها الرئيسي للبقاء و الاستمرار و قواته الدافعة نحو النمو و الازدهار
و أؤكد لكم اننا ستجدوننا دائما الى جانب الطبقة العاملة , منحازيين لقضايهم و داعمين لحقوقكهم ..... و أجدد لكم عميق اعتزازى بكم و بعطائكم و عزيمتكم الصادقة
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته