الإجازات الرسمية (بين نصوص القانون والتمادي في طلب التفسير)

تزامنًا مع الإجازة الرسمية المقررة يوم السبت الموافق 1/11/2025 للقطاعات (الحكومي و العام و الخاص) بمناسبة افتتاح المتحف المصري الكبير، والصادر بها قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 3944 لسنة 2025 والمنشور بالجريدة الرسمية بالعدد 43 مكرر (أ) في 28 أكتوبر سنة 2025 (مرفق)،

أُثير لغطٌ كبير وتضارب في التفسير، وخاصة بين العاملين بالقطاع الخاص، حول مدى اعتبار هذه الإجازة إجازة رسمية تطبيقًا لنص المادة (129) من قانون العمل الصادر بالقانون رقم 14 لسنة 2025،
وما يترتب على ذلك، خصوصًا ما يتعلق بالتعويض المنصوص عليه في القانون، وهو إما مثلي الأجر أو يوم راحة عوضًا عن يوم العمل (إذا اختارها العامل)، وذلك في حالة تشغيل العامل في هذا اليوم.

وكان منشأ هذا اللغط أمرًا غريبًا، إن دلّ فإنما يدلّ على أننا ما زلنا غارقين في الأمور الإجرائية، ونتناسى –عن سهو أو عن عمد– الأمور الفقهية والقانونية،
إذ إن الكتاب الدوري رقم (20) لسنة 2025 الصادر عن وزارة العمل لم يتضمن نصًا صريحًا بشأن هذا التعويض.

والحقيقة أن صدور مثل هذا التساؤل من بعض مسئولي الموارد البشرية وشئون العاملين هو أمر مؤسف ومحزن في آنٍ واحد.
فهل الذي يُحدد لنا قيمة التعويض هو الكتاب الدوري الصادر عن الوزارة، أم أن نص القانون هو ما يُلزمنا بهذا التعويض؟

دعونا نراجع معًا نص المادة (129) من القانون ونعلّق عليها:
"مادة (۱۲۹ ) :
للعامل الحق فى إجازة بأجر فى العطلات والأعياد والمناسبات التى يصدر بتحديدها قرار من الوزير المختص ، وتسرى بالنسبة للأعياد الدينية لغير المسلمين أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر فى هذا الشأن .
ولصاحب العمل تشغيل العامل فى هذه الأيام ، إذا اقتضت ظروف العمل ذلك ، ويستحق العامل فى هذه الحالة بالإضافة إلى أجره عن هذا اليوم مثلى هذا الأجر أو أن يمنح العامل يومًا آخر عوضًا عنه بناءً على طلب كتابى من العامل يودع بالملف الخاص به ."

وعليه، فإن مجرد صدور قرار من الوزير المختص باعتبار أي يوم إجازة رسمية يجعل من هذا اليوم إجازة مدفوعة الأجر فورًا، مع حق صاحب العمل في التشغيل، وأحقية العامل في التعويض وفقًا للفقرة الأخيرة من ذات المادة.

وصحيح أن القانون اشترط صدور القرار من الوزير المختص (وهو الوزير المعني بشئون العمل)،
إلا أن صدور قرار من رئيس مجلس الوزراء – وهو الرئيس الأعلى للوزير المختص – يُعد بمثابة صدور القرار من صاحب الاختصاص ذاته.
وعليه
فليس من الطبيعي ولا المنطقي أن نطالب الوزارة – ممثلةً في إدارة علاقات العمل – في كل مرة يصدر فيها قرار بإجازة، أن تُعيد علينا التذكير بالتعويض الواجب منحه.

فنحن، كمخاطَبين بأحكام قانون العمل، دستورنا هو القانون، وليس الكتب الدورية التي تصدر أساسًا للإعلان عن الإجازة ونشرها بين مواقع العمل والإنتاج، وليس لتفسير أحكام سبق أن تكفّل القانون ذاته بتوضيحها.

بارك الله فيكم وجزاكم خيرا